ملفات

فريدة فهمي فراشة الإستعراض المتوجة

ملف خاص كتبه : رنا رأفت – سامية سيد – ياسمين عباس

النجمة السينمائية، والفنانة الاستعراضية، والإدارية الناجحة، النواة الأولى لفرقة رضا، إنها المثال والنموذج، والتي ارتقت بالفنون الاستعراضية إلى درجة أن تجربتها الإبداعية تعد تحولاً اجتماعياً وحضارياً جعل للفنون الحركية مكانة لائقة ومميزة بين مختلف الفنون، هي حالة إستثنائية وفريدة من نوعها تنير لك الطريق كالنجمة التي تتلألأ فهي موهبة راقية تضرب لنا مثالاً في الإرادة الواعية … صوت يغرد منفرداً ويمتلك القدرة على شق الفضاء الواسع ليجد لنفسه صدى حقيقياً هي الفنانة القديرة فريدة فهمي أسطورة الرقص الشعبي.  ولدت ميلدا حسن فهمي أو فريدة فهمي في 29 يونيو عام 1940 وتخرجت في كلية الآداب وعملت على تأسيس فرقة رضا مع زوجها علي رضا وأخيه محمود رضا. حصلت فريدة فهمي على الماجستير في علم أو الأنثروبولوجي علم الأجناس البشرية من الولايات المتحدة. وفي الثمانينيات بالقرن الماضي حصلت النجمة فريدة فهمي على الدكتوراه في الرقص الإيقاعي من الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبحت واحدة من أشهر راقصات الفنون الشعبية المصرية.

شاركت فريدة فهمي، في العديد من التجارب الفنية في السينما، بدأتها بفيلم «فتى أحلامي»، أمام العندليب الراحل عبدالحليم حافظ، عام 1957، من إخراج حلمي رفلة، وقصة أوسكار وايلد، وسيناريو وحوار يوسف جوهر، وأبو السعود الإيباري. حققت فريدة فهمي، شهرتها وذلك بعد مشاركتها في بطولة فيلم «إسماعيل يس في البوليس الحربي»، والذي تم عرضه في عام 1958، إخراج فطين عبدالوهاب، وتأليف علي الزرقاني. كما حققت نجاحا جماهيريا، وانتشارًا واسعًا، من خلال مشاركتها ببطولة ثلاثة أفلام سينمائية مع فرقة رضا، وهي «إجازة نصف السنة»، و«غرام في الكرنك»، و«حرامي الورقة». ومن مشاركات فريدة فهمي بالسينما.. «غريبة»، وعُرض عام 1958، وشاركت أيضا في العام نفسه في أفلام «ساحر النساء»، و«جميلة»، و«الأخ الكبير» وآخر الأعمال التي شاركت فيها فريدة فهمي، هو «أسياد وعبيد»، عام 1978، وجسدت به شخصية «سعاد»، مع نجوم الفن المصري ومنهم محمود ياسين، حسين فهمي، ميرفت أمين، هدى سلطان، وغيرهم. اعتزلت فريدة فهمي التمثيل والرقص وهي في سن الـ43  عامًا. وكرمها الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال فعاليات عيد الأم لعام 2022، لمسيرتها الفنية.

فريدة فهمي ... عطاء بلا حدود

الموسيقار ماهر كمال

كان لقائي الأول مع فنانة الشعب فريدة فهمي عام 1997 وكان قد تم إختيارها لتنفيذ برنامج متكامل لفرقة الإسماعيلية مكون من 12 تابلوه إستعراضي، وكنت في حينها قائداً لأوركسترا الفرقة وكنت أطمع أن ألحن ولو لحناً واحداً من هذا البرنامج الكبير وبعد أن تعرفت عليها طلبت منها أن تسمع أحد ألحاني فدعتني إلي القاهرة فيلا علي رضا 2شارع بيروت وبالفعل أسمعتها.. لحنا كنت قد أعددته خصيصاً للبرنامج أسميته الثلاثيني وهو أحد شوارع مدينة الإسماعيلية. فوجئت الفنانة القديرة فريدة فهمي باللحن وقامت أثناء ادائي بأداء بعض الحركات وعندما أنهيت قالت: “أنا مبسوطة جداً كنت متخيلة إنك هتسمعني لحن بسيط علي السمسمية لو كان علي رضا عايش كان هيبقي لك شأن آخر لكن أنت يا ماهر هتلحن البرنامج كله 12لحن”

ثم أهدتني عود الفنان القدير علي رضا الذي لازلت أحتفظ به حتي الأن وقمت بالفعل بتلحين التابلوهات المتنوعة للبرنامج حيث قامت بنفسها بتصميم اربعة منها وهي الثلاثيني..الحواية..المعالق..البحري وكانت المرة الأولي لها في تصميم الرقصات لأنها دائما كانت ترقص من تصميم فنان الشعب محمود رضا كما أشرفت علي تنفيذ كافة الرقصات الاخري وتصميم ملابس البرنامج كاملاً، و نال العرض الفني نجاحاً كبيراً وجاب أنحاء العالم.

 إن الفنانة القديرة فريدة فهمي نموذج فريد للمبدعة التي تعطي بلا حدود فالأهم فيما رويته أنها بقرارها بإختياري وضعتني علي الطريق ودعمت موهبتي وقدمتني لعالم الموسيقي حتي بعد انهاء البرنامج قدمتني من خلال أول انتاجاتها أسطوانة (ام الخلخال ) التي حققت نجاحاً كبيراً في أوروبا أدت إلي تقديمي لكبري شركات الإنتاج الموسيقي في أسبانيا لتنتج لي اسطوانة( أهل الأندلس).

الفراشة ومكانة الفن الشعبي

إيناس عبدالعزيز

مديرة فرقة رضا للفنون الشعبية

الفنانة فريدة فهمى واحدة من أجمل فنانات الزمن الجميل، ومنذ كنت طفلة صغيرة عرفتها كممثلة سينمائية وفنانة استعراضية كنت أحبها وأظل اقلدها كل يوم لكى أستطيع أن أرقص مثلها ولم أتوقع أنى قد ألتقي بها يوما ما لتعلمنى هذا الفن الراقى بنفسها وتكونى مدربتى ومديرتى بل وأمى الروحية.

كانت البداية عندما رأيت إعلاناً فى جريدة الأهرام لفرقة  رضا تطلب فتيات وشباب للتدريب في الفرقة، وكان أول لقاء لى بها هناك في هذا الصرح العظيم (مسرح البالون) والذى ظل بيتى الثانى منذ ذلك الحين وحتى الآن. تقدمت للاختبار وتفاجأت بأن من تجلس فى لجنة الاختبار هى فريدة فهمى بنفسها تختار الفتيات، وقد تم اختيارى وكنت الأولى فى ترتيب النجاح، وسألتني وقتها فى أى سنة أدرس، وكنت بالثانوية العامة فى المعهد العالى للكونسير فاتوار وأعزف على آلة البيانو، وسألتني مرة أخرى هل سأستطيع التوفيق بين الثلاثة أعمال العزف وتعلم الرقص وأيضا الدراسة فقلت لها متحمسة: نعم استطيع، وعندما ذهبت للمنزل وحكيت لوالدتي فرحت جدًا، وقالت لي  عنها “سيدة عظيمة” وشعرت بأن اطمأن قلبها بعد قلق وهذا فعلاً يظهر عظمة هذه السيدة وأنها بشكل كبير تهتم بكل  أعضاء الفرقة أولاً أن يكونوا متعلمين ثانياً الحفاظ على مستقبلهم                                    

كانت هى مديرة الفرقة فى الوقت الذي التحقت فيه بالفرقة وكنت أتدرب معها شخصياً وظهر للجمهور برنامج من أعظم ريبرتوارات فرقة رضا عام ١٩٩٢، وظهرت أنا معه كراقصة صغيرة بالفرقة، لكنها كانت ترى أنى صوليست قادمة للفرقة وكانت حريصة على تشجيعنا دائماً بكلمات الإطراء بل والتدليل أحيانا كأنها أم تهدهد أبناءها وهذا الجانب الذي كنت أود الحديث عنه لأنها كانت مديرة ناجحة جداً إداريا ومثقفة وواعية لدورها فى التقريب بين الأعضاء وعدم التفريق بينهم.

وفي أحد العروض انزلقت قدمى ووقعت على المسرح ، ورأيت وجهها كيف كانت تخاف علينا وتجرى لتطمئن على ماحدث لأى حد منا يحدث له أى مكروه وليس أنا فقط، والحقيقة كانت تسعى لمصلحة الراقصين داخل الفرقة ولذلك تم تعيين الأعضاء كموظفين فى الدولة خلال وجودها كمديرة للفرقة، وقالت لى وقتها جملة لن أنساها أبدا وانا  أقوم بالتوقيع على أوراق التعيين واستلام العمل، قالت لى أنا أقوم بتعينكم حتى يكون أمان لكم فى المستقبل لأن الرقص مهنة عمرها قصير وتنبأت لى بأول نبوءة فقد كانت لديها شفافية عالية جداً فقد فسرت  لى أنا سبب تعينها لي كموظفة حتى أكون مكانها فى يوم من الأيام وقد حدث وأنا الآن مديرة للفرقة رقم ١٥ بعد أساتذتى من تلاميذها. وقد سبق وتنبأت لى بأنى ساكون صوليست للفرقة وشجعتنى ورشحتنى أيضا لبطولة آخر عمل من أعمال الراحل محمود رضا رحمه الله عليه وكان أوبريت “قلب فى الروبابيكيا” وكانت فريدة فهمى مصممة الأزياء فى هذا الأوبريت.

والحقيقة كانت فريدة فهمى النواة الأولى لفرقة رضا، ووالدها المهندس الدكتور حسن فهمى ووالدتها، وأحبت هذه الفرقة وأحبت هذا الفن لذلك صعدت به إلى مصاف أرفع وأرقى الفنون كرقيها، وجعلت للفن الشعبى مكانة مهمة بين الفنون، وجعلت للرقص الشعبى مكانًا بين أنواع الرقص المتعددة والقائمة في ذلك الوقت،

هي إنسانة قبل أن تكون مديرة وراقصة أولى كانت أم حنون من وقت أن قابلتها كرئيسة لجنة تختبرنى لأدخل الفرقة وحتى الآن وهى تشجعنى وأنا مديرة للفرقة وتعاملني كابنة لها نجحت وتفتخر بها، وفى الحقيقة نحن من نفخر بها فى كل محفل وكل مكان ونفخر جدًا بتكريم السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى لها وكم كانت سعيدة بهذا التكريم. هى فنانة حقيقية محبة لبلدها ومحبة لفنها ومحبة لفرقتها.

فريدة فهمي الإنسانة

الفنان محمد قذافي - عضو فرقة رضا

فريدة فهمي اسم على مسمى هي فريدة فعلاً، فريدة في صفاتها وروحها وطاقتها وهالتها فريدة في كل شيء كل من يقابل فريدة فهمي يلمس هذا الشيء فهي تمتلك طاقة إيجابية و كريزما نادرة، تحب مساعدة الغير وتحب الخير لغيرها، تمتلك روحاً وشخصية نادرة. ‏كنت أعيش في ليبيا ومنذ رؤيتي لفيلم غرام في الكرنك وكان عمري وقتها ٦سنوات، رسمت حلماً لنفسي إنني سوف أعود لمصر وألتحق بفرقة رضا وأقابل فريدة فهمي فهو حلم حياتي. وشاءت الأقدار وتحقق حلمي وأنا عمري 13 سنة حيث التحقت بفرقة رضا وأخيراً قابلت الفراشة الفريدة وجمعت بيننا كيمياء قوية وتآلف كبير و تبنتني فنياً وقربتني منها فنياً وحياتياً أكثر وكانت قريبة لي في كل تفاصيل حياتي. اكتشفت أن فريدة الإنسانة لا تنفصل عن فريد الفنانة ‏فريدة. عالمياً، ‏سافرت خارج مصر كثيراً واكتشفت أن فريدة لها مدارس رقص في معظم أنحاء العالم ‏ولها خطوات بسمها وهذا يدل علي عشقهم لفريدة فهمي ‏فهم يتابعونها باستمرار ويستمدون الإلهام الفني الراقي من فريدة فهمي فريدة فهمي باختصار …أسطورة مصرية حية كاملة التفاصيل.

عندما تتحدث الفراشة

حوار سامية سيد – رنا رأفت

فريدة فهمي:

أولى عروض فرقة رضا كانت بمسرح متروبول

حبي للمسرح كان أكبر بكثير من حبي للسينما

ذهبنا للرقص في الجبهة للتخفيف عن أبطالنا هناك

علينا أن نتقبل التغيير فكل زمن وله فنه وظروفه

لكل إنسان حظ من اسمه، وفي حاله الفنانة القديرة فريدة فهمي نحن أمام حالة أخذت من الاسم شتى دلالاته، فهي حقا فريدة العاشقة لفنها تتكلم بلغة الجسد عبر حضور شديد الخصوصية والتكثيف، تحاور المتلقي من خلال فنها الشعبي الراقص، وحسها المميز باللون والحركة والبسمة، هي الفريدة في عملها الذي امتد لعقود بقوة ورقي وتميز، بوعي وفهم وإدراك لقيمة الرقص، والذي تحول مع فريدة فهمي إلى حياة تمارس وتعاش، ومن الممتع الجلوس ومحاورة القامات الفنية والتعرف على تجاربها المتفردة، فما بالنا بقامة فنية بحجم وقيمة الفنانة الاستعراضية الكبيرة الفنانة القديرة فريدة فهمي؟ والتي لقبها عشاق فنها بفراشة الاستعراض المتوجة، فعلى مدار ساعة ونصف كانت المتعة في لقاء هذه القمة الفنية الاستثنائية التي روت العديد من الأشياء عن بدايتها، وعن تأسيس فرقة رضا، أجرينا معها ذلك الحوار؛ لنقترب بشكل أكبر من هذه التجربة الفريدة الثرية.

في البداية ..."ميلدا" أم "فريدة"؟

“ميلدا” هو اسم مسلم وتركي، وهو اسمي في الأساس وله عدة معان منها “القمر الساطع” وفي عام 1956م عندما بدأت تجربتي في السينما كانت توجد أزمة “الخواجات”، وقالوا عن اسمي “ميلدا ” إنه قد يعتقد البعض أنه اسم “خواجاتي”، فاختار لي المخرج والسيناريست الكبير “كامل التلمساني” اسم فريدة أدخل به عالم السينما والفرقة فيما بعد.

ماذا عن البدايات ومن قدم لك الدعم فيها؟

لم يكن والدي رجلاً عادياً، كان أستاذاً للهندسة ومؤسسً “قسم هندسة الإنتاج” بكلية الهندسة، وتخرج على يديه نخبة من كبار الأساتذة والمهندسين في جميع أنحاء العالم. كان رجلاً متفتحاً يحب النظام والدقة، وكان سابقاً لعصره، مصري وطني، ولكنه متطور ومتقدم، وكنا أعضاء في نادي “هليوليدو” بمصر الجديدة، والذي يضم نخبة العائلات المصرية في ذلك الوقت، حيث كنت آنذاك في فريق السباحة، وكان بالنادى فرقة هواة للرقص والغناء، وكان نقوم بعمل حفلات تشاهدها عائلاتنا، وهناك تقابلنا بعائلة رضا؛ محمود وعلي رضا. كان علي رضا يكبر محمود رضا بست سنوات، ونشأت قصة حب بين شقيقتي “وديدة” ومحمود رضا وتزوجا، وارتبطت عائلة رضا وعائلة فهمي، وفي هذا الوقت نمت فكرة تأسيس فرقة فنون شعبية ومع مرور السنوات تزوجتُ على رضا.

كيف كانت الانطلاقة الأولى لفرقة رضا؟

كان والدي متفتحًا ويشجعنى دائماً، كما كانت فكرة أن تصبح الفتاة أو السيدة راقصة غير مقبولة في المجتمع آنذاك، وكان علي رضا يتمتع بخبرة واسعة نظراً لعمله سنوات في الوسط الفني، فكانت لديه المقدرة على تأسيس الفرقة، وكان أول عروض الفرقة بمسرح متروبول بوسط البلد وتواصل علي رضا مع الصحافة؛ فقد كان له علاقات واسعة مع الكثير من الصحفيين، وبالفعل قدمنا أول عروضنا وحققنا شهرة كبيرة، وكتب عنا كبار الأدباء والكتاب أمثال إحسان عبد القدوس، وعلى أمين، ويوسف إدريس وغيرهم.

كيف استطاعت الفرقة بعد ذلك توفير مسرح لها؟

كانت أغلب المسارح “مأممة” فقام والدي بالاتصال بنقابة المهندسين حيث كان لديهم مسرح كبير بشارع رمسيس، ووافقوا على تأجير المسرح لنا، ومن هنا كانت انطلاقة فرقة رضا، فقد قدمت فيه فرقة رضا عروضها لما يقرب من عامين أو أكثر، وكان الأمر به صعوبة فالمتعارف عليه أن أى فرقة مسرحية يكون بها منتج ومخرج ومجموعة من الممثلين يقدمون عروضهم، ومنهم من يترك الفرقة ويتم استبداله ولكن فرقة رضا كيان يضم مجموعة من الشباب؛ أنا ومحمود رضا وعلى رضا ونتمرن كل يوم، وكذلك الموسيقيون يجب أن يتمرنوا على العزف كل يوم، ويجب أن يوفروا سبل المعيشة، ويجب أن يكون هناك دخل مستمر لأعضاء الفرقة، وليس متقطعًا مثل المسرحيات، فحتى إن كنا لا نقدم حفلات يجب أن يكون للراقص راتب شهري ثابت، وكذلك إقامة برنامج لفرقة يحتاج لعناصر مختلفة منها الملابس والتلحين وغيرها؛ إذن الأمر يحتاج لميزانية ومبلغ كبير، وبالفعل جاءت لنا فرصة وقام باقتناصها الفنان على رضا بشكل جيد عندما شاهدنا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وبالفعل أمر بتنفيذ كل متطلباتنا كفرقة، وتقابلنا مع وزير الثقافة عبد القادر حاتم في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وعرض علينا أن نصبح فرقة مستقلة ذاتياً حيث يتم دعمنا مالياً وتوفير كل متطلباتنا ونستمر دون أى تعقيدات بيروقراطية، وهذا الأمر يحمل شقين؛ الشق الأول زاد عدد الفرقة وأصبحنا نعطي أعضاء الفرقة رواتب جيدة، وبدأت جولاتنا في العديد من الدول، وانطلقنا فنياً وذاع سيطتنا، وقدمنا عروضا خاصة للأوبرا للرئيس الراحل جمال عبد الناصر وضيوفه وسافرنا بلاد العالم، وأتذكر عام 1964م عندما عقدت القمة العربية الأفريقية في مصر وقدمنا عروضنا أمام 50 رئيس دولة وملك وإمبراطور وأمير ورئيس وزارة، فكنا فرقة عالمية، وظللنا كذلك حتى نكسة 1967 م وقلت رواتبنا، ثم الانفتاح حيث تقلصت الرواتب وتجمدت، وبدأ أعضاء الفرقة ينسحبون، منهم من سافر لكندا وإستراليا، ومنهم من عمل بالكويت ولم يبق في فرقة رضا سوى عدد قليل من الراقصين.        

وماذا عن فيلا مصر الجديدة التي كان مكاناً لفرقة رضا لإقامة البروفات؟

اتفق محمود رضا مع الوزارة ومع وزير الثقافة فتحي رضوان لتقديم عروض الفرقة، وأقيمت البروفات في فيلا والدي، وأصبحت الفيلا مدرسة من قبل تأسيس فرقه رضا، وعدل فيها والدي بها بعض الأشياء لتناسب ذلك الأمر، وظلت الفيلا مقرا لفرقة رضا، وبعد عام 1973م ارتفعت الأسعار وتقلصت الرواتب وتحجرت، بالإضافة إلى الغلاء في الأسعار، فقمنا بتأجير شقتنا للسفارة الكندية، وظلت فيلا مصر الجديدة مكاناً للإقامة والبروفات، تلك الفيلا التي تركها لنا والدي لتكون مقرًا لتدريبات الفرقة، وتم بيعها بعد وفاة علي رضا الذي توفى سنه 1993م، وتم بيع الفيلا في عام 1997م، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش حاليًا من ثمنها.                                                                      

ماذا عن السينما في حياة فريدة فهمي؟

كان عمري 17 عاماً ولم أكن قد تزوجت من علي رضا بعد، وفي أحد الأيام سألني “ميلدا تحبى تمثلي “، ووافقت ووافق والدي فالأمر يمثل خبرة جديدة بالنسبة لي حتى أتعرف على عالم السينما، وما يتم به وبالفعل مثلت ولكن بداخلى نزعة الرقص فكانت رغبتى في الرقص كبيرة، وهناك شىء مهم للغاية ما جعلنى أحب المسرح أكثر من السينما فعندما أرقص على المسرح أكون في حالة انتعاش ونشوة، وأشعر بطاقة المتفرجين وبعد انتهاء رقصتي أستقبل ردود الأفعال من الجماهير سريعاً، وأنا على المسرح هناك إحساس مختلف عن وجودى داخل الاستديو، وهو شعور مكتمل مقارنة بوجودى داخل استديو لتصوير فيلم، فحبي للمسرح كان أكبر بكثير من حبي للسينما وأود أن أشير أننا أحبننا الفن للفن. 

وماذا عن الأدوار المتعددة التي قمت بها في فرقة رضا على المستوى الإداري والفني؟

أود أن أشير إلى أنه لم يكن لي أي تدخل فيما يخص الشؤون الإدارية للفرقة، فتلك كانت مهمة علي رضا، وأيضاً لم يكن لي تدخل في تصميم الرقصات التي تخص محمود رضا، أو الموسيقي فكان الفنان الكبير علي إسماعيل يقوم بها، فكل منهم له عمله ولي عملي. قام محمود رضا بالدور الأكبر والأهم في تأسيس الفرقة واختيار أعضائها وتصميم رقصاتها، كان هو العقل المدبر والمحرك، في حين تولى علي بكفاءة مسائل الإدارة وحل المشاكل وكان يمتلك حلولا سحرية مستعينا بخبرته وصلاته داخل الوسط الفني.

قدمتم العديد من الرقصات الشعبية فكيف تم جمع هذه الرقصات والاشتغال عليها؟

كانت لنا تجربة فريدة في جمع الرقصات الشعبية المصرية، والتي اقتضت أن نطوف محافظات مصر وندون فولكلور الرقص المصري، ثم نطوره ونحوله إلى رقصات أدتها فرقة رضا فأبهرت العالم، حيث سافر محمود رضا والفرقة لعدة محافظات لمعرفة رقصة التحطيب في سوهاج وأسيوط والأقصر وبني سويف مثلاً، وشاهدهم جميعا وهم يدون ما يطلقون عليه “مباراة راقصة” وهو طريقة الرقص المعروفة، ولكن لكل محافظة طريقتها الخاصة، كان على محمود رضا أن يأخذ الرقصة والتي تختلف في شكلها من محافظة لأخرى ويقدمها على المسرح ولكن بصورة مبهرة للجمهور، حيث يقدم فكره ورؤيته وفنه وإبداعه وخياله ليحول الرقصة لتقدم على المسرح بشكل مبهر  فيما يعرف باسم “مسرحة الرقصة”. وهنا تجد المرونة التي تجعل الرقصة والإبداع مستمرين لسنوات، لأنه في كل مرة يتم إضافة لها لسنوات بعدها، كان محمود رضا يقول “أنا أقدم استلهاما”، فلم تلك هي الرقصة الأساسية، وكان البعض يعترض قائلاً إن فرقه رضا لم تكن فرقة فنون شعبية!!                                                   

قدمت فرقة رضا عدة رقصات على الجبهة عام 1967م حدثينا عن تلك التجربة على الجبهة؟

في عام 1967م كنا نذهب للرقص في الجبهة للتخفيف عن الضباط والجنود الأبطال، في منطقة صحراوية بجوار فايد، وكان المكان يشبه حلبة “الملاكمة” وأكبر بثلاثة أو أربعة أضعاف، وكان الأبطال منتظرين الرقصة وقوفاً، وكانت الأرضية التي سأرقص عليها مثل قماش الخيام وفوقه طبقة شمعية، وكانت رقصتي هي رقصة “الدحية”، وطلبوا مني خلع الحذاء حتى لا أنزلق، فكنت أتلوى مثل “الكتكوت” وأنا أرقص من شدة حرارة الأرض، وكانت الرقصة بها العديد من “اللفات”، فحرقت قدمي، ولكني ورغم هذا استكملت الرقصة ولم أعتذر، وكان الجنود يومها متحمسين وسعداء، ثم بعد انتهاء الرقصة ذهبت إلى المستشفى العسكري بسبب الإصابة في قدمي.                                                                                                                

ما هو الفرق من وجهة نظرك بين الفلكلور والفن الشعبي؟

ينقسم مصطلح فولكلور إلى شقين “فولك” يعني العامة أو الشعب أو الناس، والشق الثانى “لور” ويعنى المعرفة أو العلم، وبهذا يكون المعنى الحرفي للمصطلح معارف العامة أو علم الشعوب، ولذلك يسمى بالفلكلور الشعبي، وهو مجموعة العادات والتقاليد والمعتقدات التي تنتقل بشكل شفهي بين الناس كالأغاني والسير الشعبية والقصص، مثل قصص السير؛ أبو زيد الهلالي وأدهم الشرقاوي وغيرها، لذلك فالفلكلور ليس له علاقة إلا بالمأثورات، وهو كل ما هو شفهي بالفم، وفرقة رضا سميت بفرقة رضا للفنون الشعبية، أي كل ما يخص الفنون الشعبية وليس رقصًا فقط، وإنما ملابس وديكور وغيرها من الأغاني الشعبية والرقص الشعبي، لذلك إطلاق كلمة “فولكلور” على المعهد هي كلمة غير صحيحة، ففرقة رضا يطلق عليها فرقة رضا للفنون الشعبية أي كل ما يشمل الفنون الشعبية وليس الفلكلور فقط الذي يعتمد على كل ما ينطق بالفم.         

وماذا عن دراستك في أمريكا ؟

درست في جامعة “لوس انجلوس” في امريكا بقسم dance department ويضم أكثر من قسم فرعي، حيث درست في قسم   dance ethnology وهو علم رقص الجنسيات المختلفة، ويطلق بصورة عامة على جميع أشكال الرقص الشعبي التي تقوم بها أجناس وسلالات شعوب العالم ، وفي المجمل هناك أشياء يجب معرفتها تخص كل الناس، ومن ضمن دراستي عمل أبحاث كنظريات ونأخذ ما درسناه نظرياً ويتم تطبيقه عملياً، وكانت تلك الدراسة بعد سفري إلى أمريكا بعد تعب أمي وعلاجها هناك.                                                                                                                                                          

كان لك موقف هام مع كوكب الشرق أم كلثوم نود الحديث عنه ؟

 كنت أعاني من بعض الآلام في ظهري بسبب بعض الخشونة به، حدث ذلك خلال رحلات الفرقة لبانكوك وتايلاند حيث كانت الرطوبة عالية وعندما ذهبت لروسيا وتم إبلاغ وزيرة الثقافة في روسيا بحالتي وافقت على علاجي على الفور وفي تلك الأثناء ذهبنا إلى أحد الوزراء في مصر الذي قرر عمل “كنسلتو” و قرروا أن الحالة ليس لها علاج وبناء عليه تم رفض سفري لعلاجي في روسيا إلا أن زوجي علي رضا هاتف السيدة أم كلثوم التي تحدثت على الفور مع محافظ القاهرة آنذاك حمدي عاشوب بالفعل حصلت على موافقة بمفردي لأن عمرى كان فوق 21 عاماً مع العلم انه يجب أن يكون مع المريض مرافق وقد قمت بزيارتها في بيتها وشكرها على موقفها النبيل .    

ماهي أبرز أمنياتك للرقص الشعبي الفترة الحالية؟

الزمن يتغير، وعلينا تقبل كل ما هو جديد، وكل تغييرات تحدث، وألا نعترض طيلة الوقت على الجديد، ففي أمريكا عندما ظهر “الفيس بريسلي” وبدأ في تقديم الروك أند رول، اعترض عليهم الناس، ولكنه أصبح مشهورا وتقبله الناس بعد ذلك، لذلك علينا أن نتقبل التغيير، فكل زمن وله فنه وظروفه .

المنشورات ذات الصلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *